"حين تُصبح التقاليد حاجزاً: تحديات المرأة في الرياضة"

تقرير:شهد محمد

دائماً ما ترتبط الرياضة في أذهاننا بالرجال وأنهم يهيمنون على هذا العالم، وأنهم هم الأجدر والأكثر قدرة على الدخول فيه، وهذا مانراه ونلاحظه كما أنه أمر مؤكد من قبل الباحثين فهو عالم يهيمن عليه الذكور والنساء أغراب فيه، خصوصاً في المجتمعات التى تتمسك بالمعتقدات الذكورية مما يولد صعوبات للنساء إذا رغبن فى ممارسة الرياضة وعبرن عن ذلك.

وفي مجتمعنا المصرى، تعتبر ممارسة النساء للرياضة خروجاً عن المألوف وتحديًا للهيمنة الذكورية التقليدية وما تواجهه من تمييز ضدها، فلازالت الرياضة في مجتمعنا تعانى من ضعف مشاركة المرأة فيها، وإذا شاركت فإنها تعانى من الاستهجان الإجتماعي، ووفقًا لاستطلاع رأي أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، تبيّن أن 16% فقط من النساء في مصر يمارسن الرياضة بشكل دوري، مقارنةً بـ40% من الرجال. هذا يعني أن 84% من النساء لا يمارسن الرياضة إطلاقًا، وهذه الفجوة بين الجنسين في ممارسة الرياضة تعكس التحديات التي تواجهها المرأة.

وبالاستناد على دراسة أكاديمية بعنوان التحديات الاجتماعية للمارسة الرياضية لدى النساء، فإن العقبات التى تواجهها النساء عند ممارستهن الرياضة تبداء من أمور بسيطة كنقص الملابس والمعدات المناسبة لهم إلى مشاكل أبعد وهى نقص الفرص في مجتمعنا المصرى ومنطقتنا العربية.

 

الرياضة..غير انثوية!

ولكن أبرز التحديات التى تواجهها المرأة ، التحديات الاجتماعية والثقافية، فيرى المجتمع أن الرياضة غير أنثوية، فتقول عايدة الحسينى، وهى أم وجدة قالت، "الرياضة تجعل البنت كالرجل، وتجعلها عنيفة فا أنا أعرف فتاة تمارس الكاراتيه وتصرفاتها أعنف من أخواتها وأرى أن الرياضة هى السبب"، ليست هى فقط من ترى ذلك فنظرة المجتمع عن الرياضات النسائية عموماً تغير من طبيعة الأنثي لتكون أعنف، بالإضافة إلى النظرة الذاتية لطبيعة جسد المرأة فإن لياقتها البدنية لا تسمح لها بممارسة الرياضة فهى أصعف من الرجل.

كثيرًا ما نسمع، "البنت ملهاش غير البيت والجواز وحتى لو مارست الرياضة مش هتكمل طريق الاحتراف"، هذه الجملة تلخص تحديات اجتماعية كبيرة تواجهها المرأة عند ممارسة الرياضة، ومنها أن المرأة ليس لديها وقت لممارسة الرياضة فهي مسؤولة عن الأعمال المنزلية بالإضافة إلى ضيق الوقت خصوصاً مع الدراسة أو العمل، ومن التحديات أيضاً هو نظرة المجتمع كعادات وتقاليد وأنها تمنع المرأة من ممارسة الرياضة فهذه العادات والتقاليد جعلت المجتمع يعتقد أن الدين يعارض ممارسة المرأة للرياضة، وبحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لعام 2023، فإن نسبة مشاركة النساء في الأنشطة الرياضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تتعدى 20%، مقارنةً بنسبة 65% في الدول الأوروبية، وذلك بسبب العادات والتقاليد والقيود المجتمعية المفروضة على النساء

الملابس الرياضية غير مناسبة للفتيات

انتشر فيديو على فيسبوك لمدربة جمباز تحتفل بواحدة من المتدربات بعد فوزها بجائزة، ولكن أبرزت التعليقات كيف ينظر المجتمع للأمر، ومن ضمنها، "ازاى بنت في سن البلوغ تلبس كدا هو احنا وصلنا لدرجة إن ده عادى ازاى"، و تعليق أخر ."لو أخر رياضة استحاله البس بنتى كده العيب على الأهل مش الطفلة"، ومئات التعليقات الأخرى التى تنظر للملابس الرياضية من نظرة العادات والتقاليد وأخرى من جهه دينية وأن الدين يمنع ممارسة مثل هذه الرياضات وأنه لابد أن تكون الملابس ساترة لجسد المرأة ومتناسبة مع سن الفتاة، وعلى الجانب الأخر فإن تعليقات وأراء أخرى ترى أنه لا ينظر للأمر بهذه الطريقة فهذة رياضة وهذه هى الملابس المناسبة لها مثل ارتداء الذكور لملابس كرة القدم أو السباحة، عند الاستفادة من رأى رمضان جادالله وهو معلم ومربي أجيال ولديه ثقاف دينية بنسبة كبيرة كان يرى أن من حق الفتيات أن يمارسن اى رياضة يرغبن بها وأن يرتدين اى ملابس؛ لأن الدين لا يمنعها، ورأت أمل وهى امرأة ريفية: "الدين بيمنع البنت من ممارسة الرياضة وكتدين أنا هتحاسب على بنتى ولازم أحافظ عليها، وإحنا في القرى متربناش إن البنت تلعب رياضة ".

جسم المرأة يمنعها من ممارسة الرياضة

وبناءً على دراسات وبحوث اجتماعية فإن من التحديات التى تواجه المرأة أيضاً، الوعى المشوش بأن المرأة كحجم وجسم لايسمح لها بممارسة الرياضة، والاعتقاد بأن المستويات الأعلى من هرمون التيستوستيرون لدى الرجال يمنحهم قوة بدنية أكبر، والحقيقة أن نسبة كبيرة من الفتيات يقتنعن بهذا الأمر مما يبعدهم ويثبطهم عن ممارسة الرياضة، ويرى معاذ، وهو شاب في العشرين، أنه لا مانع من أن تمارس المرأة الرياضة ولكن ليس بمنافسة مع الرجل ولكن في أماكن وملابس مخصصة لهن وتكون ساترة وأن يمارسن الرياضة كنوع من اللياقة البدنية فقط لا أكثر.

وبناء على الدراسة التى تتناول التحديات الاجتماعية لممارسة الرياضية لدى النساء يمكننا القول بأن التحديات الاجتماعية والثقافية التى تواجه النساء تتركز في بعض جوانب، بعض الجوانب مؤثرة ومنتشرة بشكل أكبر، فأبرزها وأكثرهم ترسيخاً في أفكار المجتمع تنشأة الفتيات على اعتقاد أن جسم المرأة خلق للحمل والولادة ولا تناسبه الرياضة، ومن الجوانب المؤثرة أيضاً تراثنا الشعبى كعادات وتقاليد فتمت تنشأة المصريين أن من الطبيعى التفرقة والسماح الرجال بممارسة الرياضة دون النساء فهى تعمل في المنزل ولا تحتاج اليها، يبرز جانب أخر وهو عدم دعم الأسر المصرية لفتياتها أن يمارسن الرياضة على الرغم من أن لديهم الوعي الكافي بأهمية الرياضة بالنسبة للأولاد، ومن التحديات أيضاً الوضع الاقتصادي للأسرة فبعض الأسر لا تتمكن من الإنفاق على هذا الجانب.

 

تطور الوعى باهمية الرياضة للفتيات:

              وعلى الرغم من التحديات التي لا تزال تواجه الرياضة النسائية في مجتمعنا، إلا أن النظرة اتجاه هذه الرياضات شهدت تحولًا ملموسًا مقارنةً بما كانت عليه في العقود الماضية؛ فأصبح البعض أكثر فهماً وتقديراً لأهمية الرياضة سواء للصحة النفسية أو الجسدية أو حتى لتعزيز اندماج الفرد في المجتمع وتكوين علاقات اجتماعية، ومن وجهه نظر رمضان عادل، وهو شاب ممارس للرياضة ومهتم بها: " الرياضة مفيدة للصحة والبنت من حقها الاستفادة منها، لكن لو سمح المستوى الاقتصادي للأهل، لأنها مكلفة للأسرة"، وبعض الأباء يرون أن الإنفاق على ممارسة الرياضة لفتياتهم هو أولوية، فعند مناقشة المجتمع في هذا الأمر قال على حسن : "بنتى تلعب رياضة مش ابنى بس الى أصرف عليه لأنهم ولادى سواء ولد أو بنت ومش هتأخر عليها في مصاريفها"، نستطيع القول أن حتى المجتمع الريفي أصبح أكثر انفتاحاً ؛ حيث شهدت هذه المجتمعات تطورًا ملحوظًا في الوعي بأهمية النشاط البدني للنساء.

ومن جانب النساء انفسهن فإنهم يحاولن التغلب على التحديات وتقبلها ولا يمنعن أنفسهن من ممارسة الرياضة خوفاً من عدم تقبل المجتمع، إلا أن النتيجة واحدة وسيواجهن تحديات أخرى تقلل حماسهن، وهى أن الرياضات النسائية مواردها أقل من الرياضات الأخرى والجوائز والرواتب أيضاً أقل، فتستمر المعاناة، ولكن إصرارهن نابع من معرفتهم وادراكهم أهميتها وما تؤديه من ايجابيات على صحتهم سواء الجسدية أو الإجتماعية أو النفسية، فتساعدهم على تحسين الحالة النفسية وانخفاض احتمالية للإصابة بالاكتئاب وزيادة مستوى الثقة بالنفس، وعلى الرغم من ادراك الفتيات لهذا الجانب وتغلبهن علي إلا أن واقع المشاركة النسائية في الرياضة لا يزال يحتاج إلى مزيد من الدراسة والمعالجة ضمن إطار مؤسسي وتربوي متكامل يتناسب مع مجتمعنا. 





Previous
Previous

الرياضات النسائية في مجتمعاتنا: ما الذى يجعل طريق البطولات صعباً امام النساء؟