من الترفيه إلى التهديدات: كيف تحمي نفسك في عالم الألعاب الإلكترونية؟

بقلم/منة عامر

لم تعد الألعاب الالكترونية مجرد وسيلة للترفيه او قضاء وقت الفراغ، بل أصبحت صناعة ضخمة تدر مليارات الدولارات سنوياً؛ وتؤثر بقوة في الاقتصاد الرقمي العالمي. حيث بلغت إيرادات سوق الألعاب الالكترونية عالمياً187.7 مليار دولار في عام 2024 ومتوقع ارتفاعها الى 266 مليار بحلول عام 2028.

هذه المؤشرات تعكس حجم التحول الذي تشهده هذه الصناعة، وتسلّط الضوء على ضرورة مواكبة هذا التطور بوعي أكبر حول التحديات التي ترافقه، وعلى رأسها التهديدات السيبرانية التي أصبحت تمثّل خطرًا حقيقيًا على اللاعبين والمطورين على حد سواء.

 

التهديدات الرقمية في بيئة اللعب

اختراق الحسابات● 

يعتبر من أكثر التهديدات شيوعاً في الألعاب الالكترونية، حيث يسعى القراصنة الى استهداف الحسابات من خلال كلمات المرور الضعيفة أو الروابط المزيفة التي تحاكي المنصات الرسمية للألعاب، تظهر التقارير الأمنية ان اغلب هذه الهجمات تحدث بسبب قلة وعي اللاعبين بالمخاطر الناتجة عن مشاركة بياناتهم الشخصية أو استخدام كلمة المرور نفسها لأكثر من حساب.

البرمجيات الضارة malware●

تستخدم لاختراق أجهزة اللاعبين؛ حيث يخفي القراصنة الفيروسات داخل ملفات ملوثة يروج لها على انها تحديثات وهمية أو أدوات لتحسين الأداء وهي ما تمكن القراصنة فيما بعد للتحكم في الجهاز عن بعد، أكثر المعرضين لهذا النوع من التهديدات اللاعبون الذين يقومون بتحميل الألعاب من صادر غير رسمية.

التصيد الاحتيالي phishing●

يُعتبر التصيد أحد أكثر الأساليب تطورًا لخداع اللاعبين، حيث يتم إرسال رسائل مزيفة باسم المنصة الرسمية أو الدعم الفني، بهدف دفع الضحية لإدخال معلوماته الشخصية على صفحات مزيفة.  وتستهدف هذه الطريقة اللاعبين الجدد أو صغار السن بشكل أساسي لقلة خبرتهم.

     الغش داخل الألعاب●

في حين تُستخدم أدوات الغش غالبًا بهدف التقدّم غير المشروع داخل اللعبة، إلا أن بعضها يحتوي على برمجيات خبيثة تهدف إلى اختراق الأجهزة أو سرقة البيانات. وقد تكون هذه الأدوات مغرية لكنها تشكل تهديدًا أمنيًا حقيقيًا.

كيف تؤثر التهديدات على تجربة اللعب؟

تجربة اللاعبين في الأوساط الرقمية تتأثر بشكل مباشر بسبب التهديدات الالكترونية، ليس فقط أمنياً، بل حتى نفسياً واقتصادياً. ولا يتمثل الخطر في فقدان الحسابات والبيانات الشخصية للاعبين فقط، بل يتعدى ذلك الى فقدان الأصول الرقمية مثل المكافآت والعملات الرقمية والتقدم المحرز في اللعبة، وهو ما يؤثر على اللاعب اقتصادياً ونفسياً ويمكن ان يتسبب في إفقاده الثقة في المنصة أو اللعبة. وقد أفاد نحو 36% من اللاعبين حول العالم بتعرضهم لمحاولات السرقة والاختراق في الألعاب مما أدى الى فقدانهم للأموال أو البيانات أو حساباتهم بشكل كامل.

أصبحت فئة الأطفال والمراهقين -ممن يفتقرون الى الوعي الكافي بأساليب الاحتيال الرقمي- هم الفئة الأكثر استهدافاً من القراصنة لعمليات السرقة والقرصنة الرقمية للبيانات او الأصول، بل تتعدى الخسائر هذا في حالة هجمات حجب الخدمة (DDoS)التي تؤدي الى توقف الخوادم وخسارة اللاعب للتقدم في الألعاب التنافسية.

سرقة الهوية أو الاحتيال المالي هم من أكبر المخاطر التي تواجه اللاعبين في حال سرقة بيردهم الالكتروني او بيانات الدفع الخاصة بهم؛ وهو ما يعرض اللاعبين لضغط نفسي مضاعف ويعرضهم للقلق وفقدان الثقة بالمنصات مما يؤثر على استمرار الخدمة وازدهارها.

تجتمع المعطيات لتوضح لنا ان الامن السيبراني للألعاب لم يعد مجرد مسألة تقنية، بل هو عامل أساسي ومحدد لمدى حماية حقوق اللاعبين واستمرار تجربة اللعب الآمنة والعادلة.

 

خط الدفاع الأول: مسؤولية شركات الألعاب في حماية اللاعبين

تُدرك شركات تطوير الألعاب، ولاسيما الشركات العالمية، أهمية الأمن السيبراني لتقديم تجربة لعب آمنة ومستقرة. فشركة Ubisoft -على سبيل المثال-  تتبنى نهجاً امنياً استباقياً، حيث تستثمر بشكل مستمر في الفرق المتخصصة بالأمن السيبراني لحماية منصاتها باستمرار وتأمينها من التهديدات المعقدة من خلال أدوات وتقنيات مخصصة تعمل على رصد الأنشطة المشبوهة والتصدي لها بشكل استباقي لحماية وضمان سلامة المستخدم.

أما Activision Blizzard فتضع سياسة صارمة لمكافحة الغش الرقمي وضمان اللعب العادل، منها مراقبة سلوك اللاعبين داخل الألعاب بشكل مستمر، وحضر أي حسابات تنتهك قواعد السلوك الرقمي. وتوضح الشركة ان تطبيق هذه السياسات جزء لا يتجزأ من بيئة اللعب الصحية التي تسعى لتوفيرها.

بينما تسلط Electronic Arts (EA)الضوء على الدور الحيوي والمحوري الذي تلعبه فرق الامن السيبراني في خدماتها، سواء في تأمين البنية التحتية، او تقديم خدمات مستقرة للاعبين. وتؤكد ان هذه الفرق مسئولة عن تأمين البيانات الخاصة باللاعبين والأنظمة، الى جانب دعم التطوير الدائم لمعايير الامن الرقمية.

بصورة عامة، تعكس مبادرات شركات الألعاب التزامها بتعزيز منظومة الامن الرقمي لتواكب النمو المتسارع لهذا القطاع، ولتشكيل بيئة أكثر اماناً وثقة للمستخدمين مما يسهم في استدامة هذا النمو على المدى الطويل.

العب بأمان: كيف تحمي نفسك أثناء اللعب؟

من أهم ما يجب أن يقوم به اللاعب لحماية نفسه وهويته الرقمية هو استخدام كلمات مرور قوية تتكون من حروف وأرقام ورموز معاً، وعدم تكرار كلمة المرور الواحدة لأكثر من حساب. كما يجب تفعيل المصادقة الثنائية (two-factor authentication) كل ما أمكن، هذه الخاصية تضيق طبقة من الأمان لحساباتك لأنها تتطلب اثبات شخصي قبل الدخول للحساب سواء عن طريق رسالة نصية او طرق أخرى. تحميل الألعاب والتحديثات لا يجب ان يتم الا من خلال المواقع الرسمية فقط، حيث ان المواقع غير المعروفة او المشبوهة يمكن ان تحتوي على برمجيات ضارة او فيروسات، كما لا يجب الضغط على أي روابط مجهولة سواء في غرف الدردشة داخل الألعاب نفسها او على البريد الإلكتروني لحماية بياناتك وجهازك بشكل عام. كما يجب على كل لاعب الاهتمام بتحميل برامج الحماية المختلفة وتفعيلها وتحديثها بانتظام على جهازه لأنها لا توفر لك الحماية فقط، بل ايضاً ترسل تنبيهات حين يكون هناك خطر او شك من اختراق لبياناتك او حساباتك.

  

لا يمكننا انكار ان الألعاب الالكترونية أصبحت من أكبر القطاعات نمواً واقبالا في العالم، ومع هذا النمو تنمو ايضاً التهديدات الرقمية للاعبين والمنصات. لذلك تقع المسئولية علينا جميعاً- اللاعبين، والشركات الكبرى، والمتخصصين الامن السيبراني- لضمان بيئة لعب آمنة والحفاظ على بيانات اللاعبين وامانهم. لذا فإن الاهتمام بالأمن السيبراني والتوعية به لم يعد خيار، بل أصبح ضرورة لضمان استمرار هذا التطور والازدهار مع وجود بيئة آمنة في عالم الألعاب الرقمية.

:المصادر

newzoo.com

bcg.com

kaspersky.com

aljazeera.ne

ntsrnews.net

imperva.com

wipro.com

ubisoft.com

blizzard.com

ea.com

mcafee.com

webroot.com

cyber.gov.au

staysafeonline.org

Previous
Previous

الهجمات الإلكترونية على الأندية الرياضية: أمثلة حقيقية ودروس مستفادة