الهجمات الإلكترونية على الأندية الرياضية: أمثلة حقيقية ودروس مستفادة

بقلم/ روان محمد

التحول الرقمي وتأثيره على الأندية الرياضية

مع التحول الرقمي الذي سيطر على جميع القطاعات، بما فيها قطاع الرياضة، أصبحت الأندية الرياضية تحتفظ بكم هائل من البيانات الرقمية الحساسة. تشمل هذه البيانات معلومات عن عقود اللاعبين، والخطط الفنية، والبيانات المالية، والمعلومات الطبية. هذه الثروة من المعلومات جعلت الأندية هدفًا رئيسيًا للهجمات الإلكترونية، التي قد تهدف إلى الابتزاز المالي أو إحداث أضرار تنافسية.

الهجمات الإلكترونية على المؤسسات الرياضية

الهجمات الإلكترونية على المؤسسات الرياضية لم تعد مجرد فرضية أو شيء نادر الحدوث، بل وقائع موثقة أثرت على أندية عريقة وجعلت الأمن السيبراني ضرورة قصوى لضمان استمرارية العمل الرياضي.

أمثلة حقيقية على الهجمات الإلكترونية

هجوم مانشستر يونايتد (2020)

في نوفمبر 2020، أعلن نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي عن تعرضه لهجوم إلكتروني وصف بالخطير. بحسب بيان رسمي من النادي، تمكن المهاجمون من الوصول إلى أنظمة داخلية عبر “هجوم فدية” (Ransomware Attack)، مما أدى إلى شل بعض العمليات التكنولوجية. رغم الهجوم، أكد النادي أن بيانات الجماهير والعملاء بقيت آمنة، بينما اضطر الفريق التقني إلى تعطيل عدة أنظمة لحماية الشبكة. تم فتح تحقيق بالتعاون مع المركز الوطني للأمن السيبراني في المملكة المتحدة (NCSC).

عملية احتيال نادي لاتسيو الإيطالي (2018)

في حادثة أخرى، تعرض نادي لاتسيو الإيطالي لخسارة مالية كبيرة بعد عملية احتيال إلكترونية متقنة. أثناء عملية دفع الدفعة الأخيرة من قيمة انتقال اللاعب الهولندي “ستيفان دي فريج”، أرسل القراصنة رسالة بريد إلكتروني مزورة للنادي، بدت كأنها من نادي فينورد الهولندي.

خلال هذه العملية، حوّل لاتسيو مبلغ 2 مليون يورو إلى حساب مصرفي وهمي. هذه الحادثة أبرزت كيف أن التهديدات الإلكترونية قد تتخذ طابعًا ماليًا معقدًا.

استهداف دورة الألعاب الأولمبية بطوكيو (2020)

رغم أن الأولمبياد ليس “ناديًا” بالمعنى التقليدي، فإن استهداف الأنظمة الرقمية لدورة الألعاب الأولمبية في طوكيو 2020 يعتبر دليلاً آخر على خطورة التهديدات الإلكترونية. وفقًا لتقارير متعددة، استهدفت الهجمات أنظمة بيع التذاكر وأنظمة البث الحي، في محاولة لزعزعة الأحداث وإحداث فوضى إعلامية كبيرة.

لماذا يتم استهداف الأندية الرياضية؟

  • القيمة المالية العالية: الأندية الرياضية تتعامل مع ملايين الدولارات في الصفقات والرعاية، مما يجعلها هدفًا مغريًا للمهاجمين.
  • ضعف الأنظمة الأمنية: غالبًا تكون ميزانيات الأمن السيبراني أقل مقارنة بقطاعات أخرى مثل البنوك أو الحكومات.
  • الرغبة في تحقيق شهرة إعلامية: مهاجمة نادٍ مشهور يوفر للمهاجمين تغطية إعلامية واسعة.
  • الحصول على معلومات حساسة: مثل الخطط التكتيكية أو المعلومات الطبية التي قد تؤثر على التنافس الرياضي.

الدروس المستفادة من هذه الهجمات

أهمية التوعية والتدريب:  تُظهر الحوادث الأخيرة أن أكبر تهديد للأمن السيبراني لا يأتي دائمًا من التكنولوجيا، بل من الأخطاء البشرية. الموظفون، سواء في الأقسام الإدارية أو التقنية، قد يقعون ضحية رسائل التصيد الاحتيالي أو حملات الهندسة الاجتماعية المصممة بعناية. لذلك، يجب أن تضع الأندية الرياضية برامج تدريبية دورية تهدف إلى رفع مستوى وعي جميع العاملين لديها. 

 الاستثمار في أنظمة الأمن السيبراني: لا يكفي الاعتماد على برامج الحماية التقليدية. الهجمات الإلكترونية أصبحت أكثر تطورًا وتعقيدًا، وتحتاج إلى استثمارات قوية في أدوات أمنية حديثة. الأندية الرياضية مطالبة باستخدام أنظمة كشف التسلل وأنظمة منع التسلل  . (IPS), (IDS)

كما يجب استخدام حلول تشفير لحماية البيانات الحساسة سواء أثناء تخزينها أو نقلها عبر الشبكات. الاستثمار في الأمن السيبراني لا يجب اعتباره تكلفة إضافية، بل هو استثمار ضروري لحماية أصول النادي.

 

 إجراء عمليات تدقيق أمني منتظمة: واحدة من أهم الدروس المستفادة هي ضرورة عدم الاكتفاء بتأمين الأنظمة مرة واحدة فقط، بل يجب مراجعتها باستمرار. عمليات التدقيق الأمني المنتظمة (Security Audits) واختبارات الاختراق (Penetration Testing) تساعد الأندية على كشف الثغرات قبل أن يستغلها القراصنة. هذا النوع من الفحص الدوري يجب أن يتم عبر فرق متخصصة ومحايدة لضمان تقييم موضوعي وكشف جميع نقاط الضعف المحتملة. الاستباقية في التعامل مع الثغرات أفضل بكثير من الانتظار حتى وقوع الكارثة.

 

  وضع خطط استجابة للطوارئ: يجب أن يكون لكل نادٍ خطة واضحة للاستجابة للهجمات السيبرانية، تشمل تحديد فريق طوارئ، واستراتيجيات لاستعادة الأنظمة بسرعة، وتقليل وقت التوقف.

 

أهمية المصادقة متعددة العوامل:  في كثير من الحالات، يتمكن المخترقون من اختراق حسابات البريد الإلكتروني أو الأنظمة الحيوية من خلال سرقة كلمة المرور فقط. لتقليل هذا الخطر، من الضروري تفعيل خاصية المصادقة متعددة العوامل (MFA)، حيث يُطلب من المستخدم تأكيد هويته باستخدام أكثر من وسيلة (مثل رمز يُرسل للهاتف المحمول، أو بصمة الإصبع، بجانب كلمة المرور). هذه الطبقة الإضافية من الحماية تجعل عملية الاختراق أكثر صعوبة، حتى في حال تسرب كلمة السر.

 

أصبحت الهجمات الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من التهديدات التي تواجهها الأندية الرياضية في العصر الحديث مع تقدم التكنولوجيا وطرق الاختراق المحترفة . لا يكفي للأندية التركيز فقط على الأداء داخل الملعب وتأهيل لاعبيهم؛ بل يجب عليها كذلك أن تبني حصونًا إلكترونية لحماية نفسها من الخطر الرقمي والاستثمار في أمنها السيبراني.

Previous
Previous

اللعبة بدأت: اعرف كيف تحمي نفسك من التهديدات في عالم الألعاب الالكترونية

Next
Next

من الترفيه إلى التهديدات: كيف تحمي نفسك في عالم الألعاب الإلكترونية؟