الموبايل يقلب موازين الجيمينج.. كيف غيّر جيل “زد“ قواعد اللعبة؟
تقرير:ميار وائل
مع صعود جيل Z وتأثيره في صناعة الألعاب
لم تعد الرياضات الإلكترونية مقتصرة على الشاشات الكبيرة أو الأجهزة ذات القدرات العالية، بدأ هذا الجيل يفرض معايير جديدة تبدلت فيها صناعة الجيمينج، وغيّر شكل السوق من جذوره، حتى أصبح الهاتف المحمول هو المنصة الأهم والأوسع انتشارًا.
فلا يبحث جيل Z فقط عن متعة التجربة، بل يطالب بسرعة الأداء، ومرونة الاستخدام، وسهولة الوصول في أي وقت ومن أي مكان، ما دفع الصناعة بأكملها إلى إعادة ترتيب أوراقها، وإعادة التفكير في كيفية تقديم اللعبة وتوصيلها للجمهور الجديد.
نشأة رقمية وارتباط مبكر بالموبايل
أوضح أحمد فوزي، مؤسس أستوديو AN للألعاب، مهندس برمجيات ألعاب متعددة المنصات وألعاب الفيديو، وأخصائي تكنولوجيا المعلومات السابق في القوات المسلحة، في حديثه لموقع Esportegy، أن انغماس جيل Z في ألعاب الموبايل لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج تطورات مجتمعية وتكنولوجية متراكمة.
قائلاً: "الجيل الصغير ينمو ويجد آبائه يستخدمون الموبايل، ومن الأطفال في سن صغير جداً يتعرفون على أجهزة الموبايل باكراً، بالإضافة إلى استسهال بعض الآباء إعطاء أطفالهم جهاز الموبايل فقط لإلهائهم وتضييع الوقت، متجاهلين تعليمات السلامة واستخدام الموبايل للأطفال."
تأثير جيل Z على صناعة الألعاب: تغيير الجمهور لا التصميم
يعتقد البعض أن هذا الإقبال الهائل من جيل Z على ألعاب الموبايل قد غير من أسس تصميم الألعاب نفسها، لكن يؤكد فوزي أن هذا لا يغير طريقة التصميم ولكن هذا يغير حجم الجمهور المستهدف من الألعاب.
تطوير الألعاب مبني على علوم ونظريات Gamification / Game Design Theories وهي نظريات علمية تعتمد على جعل الألعاب شيقة وممتعة.
ومع ذلك، يشير فوزي إلى تغيير مهم حدث نتيجة لهذا الانتشار الواسع بين الصغار: "مع انتشار الأجهزة مع الأطفال، اتخذت متاجر التطبيقات والألعاب إجراءات صارمة تجاه قواعد الألعاب التي تستهدف الأطفال، ووضعت لها قواعد تضمن سلامتهم."
إذاً، التغيير الجوهري ليس في كيفية صنع الألعاب، بل في حجم السوق والضوابط المفروضة لحماية اللاعبين الصغار والمراهقين، حيث تشير بعض الإحصاءات إلى أنه في عام 2024، قُدر حجم سوق ألعاب الموبايل العالمي بحوالي 92.6 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل نحو 49% من إجمالي إيرادات سوق الألعاب العالمي، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو ليصل إلى ما يقارب 165 مليار دولار بحلول عام 2029.
إستراتيجيات الاستثمار في عصر الموبايل
هذا النمو الهائل والتنافس القوي في سوق ألعاب الموبايل له تداعياته على إستراتيجيات الشركات والاستثمار، وقد يؤثر هذا على حجم الاستثمار المطلوب أو بمعنى أصح الدعم المالي المطلوب من المستثمرين في هذا المجال عند الترويج لألعابهم.
حيث التنافس ما بين شركات الألعاب أصبح كبيراً، والمبالغ المنفقة على التسويق أصبحت أكبر من السابق. أشار فوزي إلى أن هذا الوضع أصبح من الصعب على مطوري الألعاب المستقلة الترويج لألعابهم بسهولة بدون دعم مالي أو استثمار، وبالتالي بينما يزدهر السوق، تزداد التحديات أمام المطورين الصغار الذين يحتاجون إلى استثمارات ضخمة للتسويق والوصول إلى جمهور جيل Z الواسع.
مستقبل ألعاب الموبايل: هل يحل محل الكونسول؟
على الرغم من الهيمنة الحالية لألعاب الموبايل من حيث عدد اللاعبين والإيرادات، لا يرى أحمد فوزي أنها ستتفوق على ألعاب الكمبيوتر والكونسول في المستقبل القريب، على الأقل ليس في تجربة اللعب العميقة.
حيث يرى أن ألعاب الكمبيوتر والكونسول تتميز بجودتها وجودة الرسوم المرئية مقارنة بأجهزة الموبايل، ويتطلب تطوير الألعاب للموبايل مجهوداً أكبر.
مشيراً إلى التحديات الجوهرية التي تمنع ذلك، والتي تتمثل في محدودية إمكانيات أجهزة الموبايل، وصغر حجم الشاشة الذي لا يعطي المتعة الكبرى، بالإضافة إلى جودة الرسوم التي يوفرها الكمبيوتر أو أجهزة الـ PC.
هذه القيود التقنية والجودة البصرية الأقل قد تبقي المنصات التقليدية في صدارة تجارب الألعاب الغامرة والمعقدة، بينما تستمر ألعاب الموبايل في السيطرة على سوق الألعاب السريعة والمتاحة للجميع.
جيل Z: صانع التحول أم مجرد موجة؟
يظل جيل Z هو اللاعب الأبرز في إعادة تشكيل صناعة الألعاب، بدايةً من انخراطه المبكر في التكنولوجيا، مرورًا بوجوده المكثف على الموبايل، وحتى تحوله إلى جمهور تنافسي وشرس.
نجح هذا الجيل في فرض معادلات جديدة، دفعت الشركات إلى إعادة التفكير في كل شيء: من التصميم، إلى التسويق، وحتى هوية المنصة.
ومع استمرار تطور الألعاب وتنوع جمهورها، يبقى السؤال مفتوحًا: هل نعيش مجرد موجة مؤقتة... أم بداية لعصر جديد تقوده أجيال لا تفارق شاشة هواتفها؟