الجيل الجديد يدخل اللعبة ! كيف يؤثر “الواقع الافتراضي” في تشكيل ملامح صناعة الألعاب؟
متخصصون:سنشهد بطولات كبيرة ومؤتمرات مخصصة لها في المستقبل القريب.
تقرير: حبيبة وائل، سهيلة مصطفى
في عالم تتسارع فيه الابتكارات التقنية، تقف تقنيتا الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) في طليعة الثورة الرقمية التي تعيد تشكيل ملامح صناعة الألعاب الإلكترونية، لم تعد الألعاب تقتصر على الشاشات التقليدية، بل أصبحت تأخذ اللاعبين إلى عوالم غامرة، تدمج بين الواقع والخيال، وتخلق تجارب ترفيهية غير مسبوقة. فما الذي تقدمه هذه التقنيات؟ وكيف تسهم في تغيير طريقة التفاعل مع الألعاب؟
واقع افتراضي... تجربة غامرة بلا حدود
الانغماس الكامل:
توفر تقنيات الواقع الافتراضي بيئات ثلاثية الأبعاد تتيح للاعب التفاعل وكأنه داخل اللعبة فعليًا. ألعاب مثل The Walking Dead: Saints & Sinners تتيح للاعب استخدام يديه لسحب الأسلحة، فتح الأبواب أو القتال اليدوي بطريقة تحاكي الواقع بشكل مثير.
تفاعل جسدي متكامل:
تتطلب بعض ألعاب الواقع الافتراضي جهدًا بدنيًا أكبر، مثل القفز، الحركة والسرعة، مما يحفز العقل والجسد معًا. لعبة Beat Saber مثال واضح، حيث يستخدم اللاعب السيوف الضوئية لتقطيع مكعبات موسيقية بالإيقاع والحركة.
تعليم من خلال الترفيه:
لا يقتصر استخدام الواقع الافتراضي على الترفيه فقط، بل يمتد إلى مجالات تعليمية مثل لعبة Puzzling Places التي تتيح للاعبين تركيب مجسمات ثلاثية الأبعاد لأماكن حقيقية، مما يحسن المهارات المكانية ويحفز التفكير المنطقي.
الواقع المعزز... عندما يندمج الخيال بالواقع
باستخدام تقنيات الواقع المعزز، يمكن دمج الشخصيات والكائنات الافتراضية مع الأماكن الحقيقية، مما يخلق تجربة فريدة دون الحاجة للانعزال عن المحيط. لعبة Pokémon GO تُعد من أوائل النماذج الناجحة التي سمحت برؤية البوكيمونات على الأرصفة والحدائق من خلال كاميرا الهاتف.
كما تعزز هذه التقنية البُعد الاجتماعي للألعاب. Harry Potter: Wizards Unite شجعت اللاعبين على التعاون في مهام جماعية ضمن مواقع حقيقية، فيما سمحت Minecraft Earth ببناء هياكل ثلاثية الأبعاد فوق الأرصفة والطاولات باستخدام الهاتف.
من ناحية أخرى، يفتح الواقع المعزز المجال أمام مصممي الألعاب لاستخدام البيئة المحيطة كلاعب أساسي في اللعبة، عبر دمج الألغاز والمهام في العالم الحقيقي، مما يعزز الواقعية ويضاعف متعة الاستكشاف.
يؤكد خالد عمار، مؤسس ورئيس تحرير صحيفة "1.5"، أول صحيفة مناخية في الميتافيرس، أن تقنيتي الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) قد غيرتا بشكل جذري طبيعة الألعاب الإلكترونية، ليس فقط على مستوى الشكل أو التصميم، بل في جوهر التجربة نفسها.
ويقول عمار لموقع "Esportegy"،: "لقد غيّروا العالم تمامًا؛ فبدلًا من أن يشاهد اللاعب اللعبة من الخارج، أصبح داخلها فعليًا، ينغمس في عالمها كأنه يعيش واقعًا حقيقيًا. يتحرك ويتفاعل ويشعر وكأنه في عالم آخر، وهذا يشكل فرقًا كبيرًا مقارنة بالألعاب التقليدية". ويضيف أن هذا الانغماس جعل التجربة أكثر جذبًا، بل وأصبحت لها ميزانيات مخصصة في حياة الناس، لا سيما الأطفال الذين باتوا يخصصون جزءًا من وقتهم وأموالهم لهذه العوالم الجديدة.
وحول ما إذا كانت ألعاب الواقع الافتراضي والمعزز ستصبح السائدة مستقبلاً، يشير عمار إلى أن ذلك "مرجّح، ولكن ليس في الوقت الحالي"، موضحًا أن الأجهزة لا تزال باهظة الثمن وغير متاحة للجميع، إلا أن المستقبل يبدو واعدًا، خاصة مع وجود جيل يحب خوض التجربة كاملة، ويبحث عن تفاعل أكبر من مجرد استخدام لوحة مفاتيح أو شاشة تقليدية.
مهارات جديدة .. وتكاليف أعلى
فيما يتعلق بتصميم وتطوير هذه الألعاب، يوضح عمار أن المطورين اليوم بحاجة إلى مهارات متقدمة تشمل برمجة ثلاثية الأبعاد، وتصميم الحركات والمؤثرات، والتعامل مع أجهزة تتبع الحركة مثل النظارات وأجهزة الاستشعار، ويؤكد أن "تصميم هذه الألعاب أكثر تكلفة من الألعاب التقليدية، نظرًا لتطلبها تقنيات وأجهزة أكثر، ووقتًا أطول في الإنتاج".
نحو بطولات رياضية رقمية غامرة
ويرى عمار أن تقنيات الواقع الممتد ستفتح أبوابًا جديدة في مجال الرياضات الإلكترونية، قائلاً: "لقد بدأت بطولات صغيرة بالفعل، ولكن مع توافر الأجهزة بشكل أوسع وازدياد شهرة هذه الألعاب، سنشهد بطولات كبيرة ومؤتمرات مخصصة لها في المستقبل القريب". ويشير إلى أن الألعاب التي تعتمد على AR وVR تتيح نوعًا جديدًا من التنافس الذي يجمع بين الجهد البدني والتفاعل الحسي، ما قد يُعيد تعريف مفاهيم المنافسة الإلكترونية بالكامل.
تعزيز العلاقات الاجتماعية عبر العالم الافتراضي
وفي جانب آخر، يؤكد عمار أن هذه التقنيات لا تعزز التجربة الفردية فقط، بل تدعم البُعد الاجتماعي في الألعاب، قائلا: "يتفاعل الناس كما لو كانوا يجلسون بجانب بعضهم البعض، من خلال الصوت والحركة والتعبير، ما يجعل اللعبة أكثر إنسانية وأقرب إلى التواصل الحقيقي"، مضيفًا أن هذا الشكل من التفاعل لا يقتصر على الألعاب فقط، بل يمتد إلى التعليم، والمستشفيات، والجامعات، حيث أصبح العالم يتجه شيئًا فشيئًا نحو العيش في بيئات رقمية بديلة.
عوائق مؤقتة... وتقنيات قادمة
وعن التحديات التي تعيق انتشار هذه التجارب، يشير عمار إلى أن أبرزها ارتفاع تكلفة الأجهزة وثقل وزنها حاليًا، موضحًا: "في الوقت الحالي، نعم، فالأجهزة ثقيلة ومكلفة، ولا يمتلك الجميع القدرة على اقتنائها. ولكن مع التقدم التكنولوجي، ستصبح أخف وزنًا وأقل تكلفة، وعندها سيزداد انتشارها بشكل أكبر".