لياقتك بدون خرافات: دليلكِ العلمي لصحة أقوى وجسم أذكى

تقرير/ماجدة حازم، نيرة عثمان

في عالم اللياقة البدنية، تنتشر الكثير من المفاهيم المغلوطة بين النساء، وغالبًا ما تؤثر هذه على قراراتهن الصحية والرياضية. من الخوف من رفع الأثقال، إلى الاعتقاد بأن ممارسة الرياضة في فترات معينة مضرة، تتعدد الشائعات وتؤثر سلبًا على رحلة المرأة نحو نمط حياة صحي ومتوازن. هذا التقرير يسلط الضوء على مجموعة من الخرافات المنتشرة في عالم اللياقة البدنية، ويستعرض الحقائق العلمية التي تفندها، ويقدم نصائح عملية تساعد في تحسين الأداء البدني والصحة العامة.

● هل رفع الأثقال يجعل جسمك “ضخماً”؟


يعتقد البعض أن ممارسة تمارين القوة ورفع الأوزان تؤدي إلى تضخم عضلي شديد عند النساء، فيبدأن في تجنب هذه التمارين خوفًا من أن يظهر جسدهن بشكل ذكوري. لكن هذه الفكرة غير صحيحة علميًا، لأن النساء لا يمتلكن نفس مستويات هرمون التستوستيرون الموجودة عند الرجال، وهو الهرمون المسؤول بشكل أساسي عن بناء الكتلة العضلية الكبيرة. رفع الأثقال لا يجعل المرأة ضخمة، بل يساعدها على بناء عضلات قوية ومشدودة، ويساهم في تحسين شكل الجسم، وزيادة معدل الحرق، وتعزيز القدرة على أداء الأنشطة اليومية بكفاءة أعلى. وتعتبر تمارين القوة جزءًا أساسيًا من أي برنامج لياقة بدنية، وتشمل: رفع الأثقال، تمارين المقاومة باستخدام الأشرطة المطاطية، وتمارين وزن الجسم مثل الضغط والبلانك. كما أن خسارة الوزن لا تعتمد فقط على ممارسة الرياضة، بل تتطلب الالتزام بنظام غذائي صحي لأن التغذية تشكل 75% من النتائج، بينما تُكمل الرياضة النسبة المتبقية. تمارين المشي والجري كلاهما فعال، لكن الجري يساعد أكثر على حرق السعرات في وقت أقل ويُحفز الجسم أكثر لرفع معدل الحرق.

● الرياضة أثناء الدورة الشهرية… هل هي ممنوعة؟



الكثير من النساء يعتقدن أن ممارسة التمارين الرياضية خلال الدورة الشهرية قد تكون ضارة أو مؤلمة، ولكن هذا الاعتقاد غير دقيق. الحقيقة أن الرياضة خلال هذه الفترة قد تساعد على تخفيف أعراض الدورة الشهرية مثل التقلصات والانتفاخ وتقلّب المزاج، حيث تعمل التمارين على زيادة إفراز الإندورفين، وهو هرمون السعادة الذي يقلل الألم ويحسن الحالة النفسية. ورغم أن بعض النساء يشعرن بعدم الراحة أو الإرهاق خلال هذه الفترة، إلا أن النشاط البدني الخفيف يمكن أن يكون مفيدًا، ويُفضل اختيار التمارين المناسبة للحالة الجسدية لكل امرأة. أسباب تغير الأداء الرياضي قبل الدورة الشهرية تعود إلى التغيرات الهرمونية مثل زيادة البروجسترون، التي قد تؤثر على مستوى الطاقة، كما أن نقص الحديد خلال الدورة قد يسبب تعبًا إضافيًا، لذلك يُنصح بتناول مكملات الحديد بعد استشارة الطبيب.

o أمثلة على التمارين المناسبة أثناء الدورة الشهرية: تمارين التمدد (Stretching) والبيلاتس لإطالة العضلات، الكارديو الخفيف (مثل المشي أو الدراجة الثابتة)، تمارين القوة الخفيفة، حيث أثبتت بعض الدراسات فعاليتها العالية في هذه الفترة، و اليوغا، التي تُساعد في تقليل التوتر والانتفاخ وتخفيف التقلصات.

تمارين التمدد لإطالة العضلات

● “تكيس المبايض يمنعني من ممارسة الرياضة أو إنقاص الوزن”


متلازمة تكيس المبايض (PCOS) من الحالات الشائعة بين النساء، وتؤثر على ما يقارب 18% من النساء في سن الإنجاب. ورغم تأثيرها على الهرمونات والدورة الشهرية والوزن، إلا أن ممارسة الرياضة بانتظام واتباع نظام غذائي متوازن يمكن أن يساعد بشكل كبير في السيطرة على الأعراض وتحسين الصحة العامة. النشاط البدني المنتظم يُحسّن من مقاومة الإنسولين، يقلل الدهون، ويُحسّن الحالة النفسية والهرمونية والإنجابية. ومن التمارين الموصي بها (المشي، السكوات (القرفصاء)، الضغط، و تمارين HIIT (التدريب المتقطع عالي الشدة))
وينصح بممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين المعتدلة أسبوعيًا، أو 75 دقيقة من التمارين القوية، مع تمارين المقاومة مرتين في الأسبوع. وبجانب الرياضة، يلزم تنظيم النظام الغذائي، تحسين جودة النوم، تقليل السكريات، تناول الأطعمة الغنية بالألياف، البروتين والخضروات، وشرب الماء بكميات كافية.

● “المرأة الحامل يجب أن تتجنب أي نوع من الرياضة”


من الشائعات المنتشرة أن الحامل يجب أن تتوقف عن أي نشاط بدني حفاظًا على صحة الجنين. لكن الدراسات الطبية الحديثة تُشير إلى أن ممارسة الرياضة أثناء الحمل بشكل منتظم وآمن تساعد في تقوية الجسم، وتقلل من مشاكل الحمل، وتحسّن من المزاج، وتُسهّل عملية الولادة.

الرياضة تحسن من صحة المرأة الحامل وحالتها المزاجية

الرياضة تُقلل خطر الإصابة بسكري الحمل، وتُقلل من آلام الظهر، وتُساعد في السيطرة على زيادة الوزن. كما تُقلل من احتمالية الولادة القيصرية، وتُساهم في تحسّن صحة الطفل. أظهرت دراسات أن الأطفال الذين تمارس أمهاتهم الرياضة أثناء الحمل يكونون أقل عرضة للإصابة بالسمنة مستقبلاً
o أنواع الرياضة المناسبة للحامل:
- المشي.
- السباحة.
- التمارين المائية.
- الدراجة الثابتة.
ويُنصح بممارسة 150 دقيقة من التمارين المعتدلة أسبوعيًا، مع تجنب أي نشاط بدني عنيف أو يحتمل السقوط أو التلامس الجسدي. يجب التوقف عن التمرين فورًا في حال الشعور بأي تعب، دوخة، أو انقباضات، واستشارة الطبيب المختص.

● السيلوليت وتمارين الكارديو… هل يمكن التخلص منه؟

السيلوليت هو تجمع للدهون تحت الجلد يظهر غالبًا في الفخذين والأرداف، ويُعتقد أن تمارين الكارديو وحدها كافية للتخلص منه.

مظهر البشرة الطبيعية والبشرة المصابة بالسيلوليت

ولكن الحقيقة أن الكارديو وحده لا يكفي، بل يلزم دمجه مع تمارين القوة لشد الجلد، تقوية العضلات، وتقليل الدهون. لا يمكن التخلص من السيلوليت نهائيًا، لكن يمكن تقليله بطرق صحية ومتوازنة.

o تمارين فعالة لتقليل السيلوليت:


- المشي، الجري، السباحة، ركوب الدراجة.
- تمارين القفز بالحبل.
- تمارين المقاومة مثل السكوات واللانجز.

مع ضرورة اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على كميات منخفضة من الدهون المشبعة والسكريات، وشرب الماء بكثرة للمحافظة على مرونة الجلد.

● اليوغا والبيلاتس… هل هي تمارين حقيقية أم مجرد استرخاء؟


بعض الناس يعتقدون أن اليوغا والبيلاتس مجرد تمارين خفيفة ولا تفيد في اللياقة البدنية. لكن الواقع أن كلا النوعين من التمارين يعملان على تحسين المرونة، تقوية العضلات، رفع معدل الحرق، وتنشيط الجسم والعقل. حركات البيلاتس مستوحاة من الرقص، وتركز على عضلات البطن والظهر والعمود الفقري، وتُساعد في تحسين التوازن الجسدي والعقلي. أما اليوغا فتُساعد على تقليل التوتر، زيادة الوعي بالجسد، وتحسين الحالة النفسية.

“الدهون الصحية تُسبب السمنة”

ليست كل الدهون ضارة! الدهون الصحية لا تُسبب السمنة بل تُعتبر ضرورية لصحة الجسم. الدهون المفيدة تُساعد في امتصاص الفيتامينات، تدعم صحة القلب والمخ، وتُعزز الإحساس بالشبع. وتشمل أنواع الدهون الصحية، الدهون الأحادية غير المشبعة (مثل زيت الزيتون، الأفوكادو، والمكسرات)، والدهون المتعددة غير المشبعة (مثل أوميغا 3 وأوميغا 6، الموجودة في الأسماك، بذور الكتان، والجوز).

الدهون الصحية (المفيدة)

يجب تناول الدهون باعتدال، والابتعاد عن الدهون المهدرجة والمهدرجة جزئيًا، لأنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

● ”القوام المثالي = تمارين مكثفة”


الحصول على جسم متناسق لا يعتمد فقط على ممارسة الرياضة. القوام المثالي هو نتيجة لتكامل عدة عناصر أساسية وهي النشاط البدني: لتحسين اللياقة وبناء العضلات، النظام الغذائي: لضبط السعرات وتغذية الجسم، النوم الجيد: للتوازن الهرموني وتجديد الخلايا، و الصحة النفسية: لأنها تؤثر على الالتزام والنمط الحياتي. القوام المثالي ليس مجرد “شكل” بل إحساس بالحيوية والثقة بالنفس والرضا عن الجسد.
وفي وسط عالم مزدحم بالمعلومات والنصائح المتناقضة، من الضروري أن تعتمد المرأة على الحقائق العلمية في رحلتها نحو نمط حياة صحي ومتوازن.
الخرافات التي تناولناها في هذا التقرير لا تؤدي فقط إلى نتائج غير فعالة، بل قد تُعيق تحقيق الأهداف الصحية والجمالية، وتؤثر سلبًا على الثقة بالنفس والعلاقة بالجسد.
اللياقة البدنية ليست مجرد مظهر، بل أسلوب حياة يتطلب فهماً واعيًا للجسم، واحترامًا لحاجاته، والتزامًا بالتوازن بين الرياضة، الغذاء، الراحة، والصحة النفسية.
كل امرأة تستحق أن تعيش بجسم صحي وقوي، وتشعر بالثقة والرضا، بعيدًا عن القيود التي تفرضها الخرافات والمعتقدات المغلوطة.
لذلك، من المهم أن نعيد النظر في كل ما نسمعه، ونتعلم كيف نميّز بين الشائعة والحقيقة، وأن نمنح أجسادنا ما تستحقه من عناية وفهم واهتمام.
Next
Next

وفاة أمح الدولي تثير الجدل.. اتهامات بخطأ طبي والتحقيقات جارية