كيف تساهم كرة القدم في حل القضايا المجتمعية
تقرير / سهيلة مصطفى
..خارج المستطيل الأخضر
كيف تواجه كرة القدم التحديات الاجتماعية؟
تحولت كرة القدم إلى قوة ناعمة ذات تأثير عميق على المجتمعات، قادرة على توحيد الصفوف، وتعزيز القيم الإنسانية، والمساهمة في معالجة العديد من القضايا الاجتماعية
تُعد كرة القدم الرياضة الشعبية الأولى عالميًا، إذ تتجاوز الحدود الثقافية والدينية، وتُشكّل مساحة مشتركة بين شعوب مختلفة. هذا ما يجعلها منصة مثالية لنشر التوعية وتعزيز الانتماء، حتى في أكثر المجتمعات تباينًا
كرة القدم... لغة توحد وتغيّر
يرى الباحث في العلوم الاجتماعية أحمد عادل أن كرة القدم لعبت دورًا محوريًا على مدار التاريخ في بناء اللحمة الاجتماعية، مستشهدًا بلحظات جماعية مثل نهائي كأس الأمم الأفريقية 2006، عندما اجتمع المصريون بمختلف فئاتهم لتشجيع المنتخب، في مشهد يجسّد روح الوحدة الوطنية
ويضيف عادل أن تأثير كرة القدم امتد إلى قضايا مثل مكافحة الإدمان، من خلال حملة توعوية قادها النجم محمد صلاح، بالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي. كما دعمت اللعبة قضايا ذوي الهمم، من خلال بطولات مثل "يونتي كاب" التي رعتها مؤسسات خاصة لتوظيف ذوي الإعاقة
وفي مجال التعليم، أطلقت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة الدوري المدرسي الأفريقي لتعزيز ممارسة الرياضة بين الطلاب، بالإضافة إلى برنامج "كابيتانو مصر" لاكتشاف المواهب، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية
تحديات تعرقل الدور المجتمعي للكرة
في المقابل، يشير الناقد الرياضي حسن المستكاوي إلى أن الدور المجتمعي لكرة القدم لا يحظى بالتغطية الإعلامية الكافية، باستثناء بعض المبادرات الرمزية، داعيًا إلى تعاون أكبر بين القنوات الرياضية والأندية لإطلاق حملات توعوية حول قضايا مثل العنف الأسري والعنصرية
ويرى المستكاوي أن الفساد الإداري والمالي داخل المؤسسات الكروية يمثل تهديدًا حقيقيًا لهذا الدور، مشيرًا إلى فضائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واختلاس أموال مخصصة لتطوير اللعبة في الدول الفقيرة. ويقترح إنشاء هيئة رقابية مستقلة لمتابعة تمويل المشروعات المجتمعية المرتبطة بالرياضة
كما يسلط الضوء على التمييز ضد كرة القدم النسائية، مطالبًا بإلزام الأندية بتأسيس فرق نسائية، ومنحها تغطية إعلامية مماثلة للرجال
وفيما يخص ضعف البنية التحتية، يعتبرها المستكاوي عقبة كبرى أمام تنمية المواهب الشابة، ما قد يفتح الباب أمام انخراطهم في أنشطة سلبية أو متطرفة. ويقترح الاستثمار في مراكز الشباب وتوسيع فروع الأندية في المناطق الفقيرة والريفية
كرة القدم... سلاح ذو حدين
ورغم الأثر الإيجابي الواسع لكرة القدم، فإنها قد تتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة لنشر العنف والتفرقة. يشير الباحث أحمد عادل إلى أن التعصب الكروي يمثل خطرًا داهمًا، مستذكرًا أحداثًا دامية مثل مجزرة بورسعيد 2012 وأحداث استاد الدفاع الجوي 2015
كما تسلط اللعبة الضوء على مشكلات العنصرية والتمييز الطبقي، كما حدث مع النجم محمود عبد الرازق "شيكابالا" في مواجهته لهتافات عنصرية، أو التمييز الطبقي ضد لاعب مثل محمد ناجي "جدو"، الذي وُصف بـ"الفلاح" بسبب أصوله
لمواجهة هذه الظواهر، يدعو عادل إلى تنظيم ورش توعوية للاعبين والمدربين والجماهير حول القيم الرياضية والإنسانية، مع فرض عقوبات صارمة على الأندية والجماهير المتورطة في التمييز، وتوفير الدعم النفسي والمعنوي للضحايا