!الوجه الخفي لإدمان الأطفال لألعاب الفيديو
"القلوب المكسورة" خلف الشاشات .. متخصصون: الحل فى توفير بدائل ترفيهية حقيقية تشبع حاجات الطفل وتطور مهاراته
.تقرير:حبيبة وائل ، سهيلة مصطفى
متخصصون: الحل فى توفير بدائل ترفيهية حقيقية تشبع حاجات الطفل وتطور مهاراته
في وقت باتت فيه الأجهزة الذكية جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، أصبحت الألعاب الإلكترونية ملاذًا رئيسيًا للأطفال لقضاء أوقاتهم. ومع تزايد الإقبال على هذه الألعاب، يلوح في الأفق قلق متزايد بشأن الآثار النفسية والسلوكية التي قد تنتج عن الإفراط في استخدامها. فبينما يرى البعض فيها وسيلة لتفريغ الطاقات وتنمية بعض المهارات الذهنية، تشير دراسات متخصصة إلى ارتباط الاستخدام المفرط بعزلة اجتماعية واضطرابات في التركيز والنوم، وربما تطور حالات من الإدمان قد يصعب السيطرة عليها. وهنا نسلط الضوء على الاثار النفسية لإدمان الأطفال للالعاب الالكترونية...
من التسلية إلى الإدمان
قال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، لموقع "Esportegy"، إن إدمان ألعاب الفيديو لم يعد أمرًا نادر الحدوث، بل هو ظاهرة آخذة في الانتشار، وأثبتت خطورتها إلى الحد الذي دفع منظمة الصحة العالمية عام 2018 إلى تصنيفها رسميًا ضمن الاضطرابات النفسية في التصنيف الدولي للأمراض (ICD).
ويقول هندي: "الطفل المدمن على هذه الألعاب يدخل في حالة من الانعزال التدريجي، وتبدأ شخصيته في التغير بشكل واضح، فيفقد التفاعل الإنساني الطبيعي، وتسيطر عليه مشاعر تقلب المزاج، والانفعال، والعدوانية أحيانًا، وهو ما ينعكس على سلوكه في البيت والمدرسة."
وجه جاف ومخيلة خاملة
ويضيف هندي أن من أبرز آثار هذا الإدمان، ضعف الخيال والإدراك العاطف، . فالألعاب الإلكترونية لا تحتوي على عناصر إنسانية حقيقية، ما يجعل الطفل يتفاعل فقط مع صور جامدة ومواقف افتراضية، دون أن يطور قدراته على التخيل أو التعبير العاطفي.
وفي بعض الحالات، تظهر أعراض مشابهة لمتلازمة أسبرجر، وهي حالة مرضية تتسم بصعوبة التفاعل الاجتماعي، حيث يصبح الطفل قليل الكلام، جامد الملامح، ولا يُظهر ردود أفعال طبيعية تجاه الأحداث والمواقف.
جرائم بسبب إدمان اللعب
يروي الدكتور وليد بعض الحوادث الصادمة التي تعكس حجم الكارثة، من بينها قصة شاب كوري جنوبي توفي عام 2005 بأزمة قلبية بعد قضاء أكثر من 50 ساعة متواصلة في اللعب، وانفصل عن الواقع تمامًا، كما يشير إلى حادثة مأساوية لطفلة توفيت بسبب الإهمال، بعدما انشغل والدها ووالدتها تمامًا بالألعاب الإلكترونية، تاركينها دون رعاية.
وفي حالات أكثر عنفًا، ارتُكبت جرائم قتل بدافع الرغبة في مواصلة اللعب، ففي فيتنام، أقدم طفل في الـ13 من عمره على قتل سيدة مسنّة وسرقة أموالها للعب في الإنترنت، بينما شهدت الفلبين جريمة مشابهة ارتكبها فتى بحق جدته.
عندما يصل الأمر إلى "القلب المنكسر"
تربط دراسات طبية متعددة بين إدمان الألعاب وبين أمراض جسدية ونفسية خطيرة، أبرزها الصداع المزمن، مشكلات الجهاز الهضمي، اضطرابات النوم، وآلام الرقبة والظهر، لكن الأخطر من ذلك، وفقًا للدكتور وليد، هو أن مشاعر الخسارة المتكررة داخل اللعبة قد تتحول إلى أزمات نفسية حقيقية، تتسبب في أعراض قلبية يُطلق عليها اسم "متلازمة القلب المنكسر"، وقد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة المبكرة.
نحو حلول بديلة ومنافذ واقعية
ويرى هندي أن الحل لا يكمن فقط في المنع أو الحظر، بل في إعادة توجيه طاقة الطفل نحو أنشطة واقعية، مثل الألعاب الجماعية، الرياضة، الفن، والمشاركة الاجتماعية، مؤكدًا أن الطفل بحاجة إلى وسائط صحية للتنفيس العاطفي والانفعالي، وأن العالم الرقمي لا يمكن أن يكون بديلًا عن العلاقات الإنسانية والمهارات الحياتية.
ويختم قائلًا: "إنقاذ أطفالنا من إدمان الألعاب الإلكترونية هو مسؤولية جماعية تبدأ من البيت، وتمر بالمدرسة، وتنتهي بسياسات الدولة، التي يجب أن توفر بدائل ترفيهية حقيقية، بيئية وآمنة، تشبع حاجات الطفل وتطور مهاراته، بدلًا من تركه رهينة لشاشة باردة لا تعلّمه إلا الانسحاب والانفصال."