"الرياضات الإلكترونية في الشرق الأوسط: صناعة صاعدة بين التحديات والفرص"

تقرير : نيرة عثمان

شهدت الرياضات الإلكترونية في الشرق الأوسط تطورًا هائلًا خلال السنوات الأخيرة، حيث تحولت من مجرد هواية إلى صناعة مزدهرة تجذب ملايين اللاعبين والمستثمرين. بفضل الدعم المؤسسي المتزايد والبطولات الضخمة، أصبحت هذه الرياضة منصة احترافية تتيح للاعبين فرصًا حقيقية لتحقيق دخل مستدام والمنافسة على الساحة العالمية. في هذا السياق، نستعرض واقع الرياضات الإلكترونية في المنطقة.

·     الوضع الحالي للرياضات الإلكترونية في الشرق الأوسط:

حجم السوق: الألعاب الإلكترونية أصبحت مهنة تحقق دخلًا ومكاسب مادية و يري البعض أنه يمكنهم التخلي عن الوظيفة التقليدية ويشتركون في بطولات يحصلون من خلالها على أرباح، ويحصلون على تدريب ورعاية من كبرى الشركات. وخلال عام 2023، تصدرت السعودية إنفاق الدول العربية على الألعاب الإلكترونية بقيمة 1.89 مليار دولار بزيادة 13% عن 2022 وجاءت مصر ثانيا في حجم إنفاق المستهلكين بقيمة 1.71 مليار دولار بزيادة 17% عن العام السابق له، وفقًا لبيانات STATISTA، وجاء العراق في المرتبة الثالثة بقيمة 90 مليون دولار، بزيادة 11.1% عن 2022.

الدول الرائدة في المجال: على الرغم من تصدر الولايات المتحدة والصين لهذه الصناعة، فإن دول الشرق الأوسط تظهر بشكل واضح في خريطة التنافس بهذا المجال، حيث شهد اهتمامًا متزايدًا خلال السنوات الأخيرة، واعترفت عدة دول بالألعاب الإلكترونية كرياضة تحت مسمى "الرياضة الإلكترونية"، أو "الرياضة الذهنية"، مثل مصر و المملكة العربية السعودية و الأمارات وتونس وسوريا ولبنان.

البطولات والفعاليات الكبري: في السنوات الأخيرة، أصبحت منطقة الشرق الأوسط وجهة رئيسية لأكبر بطولات وفعاليات الرياضات الإلكترونية، حيث تستضيف المملكة العربية السعودية برعاية الهيئة العامة للترفيه بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية منذ عام 2024، والتي ستُقام سنويًا خلال شهري يوليو وأغسطس في الرياض بوليفارد سيتي. تُعد هذه البطولة واحدة من أضخم المنافسات العالمية، حيث تشمل 21 لعبة مختلفة، ويشارك فيها أكثر من 1,500 لاعب من نخبة محترفي الرياضات الإلكترونية، و500 فريق من حول العالم.

على صعيد آخر، تحتضن مصر النسخة المحلية من إيفنت "جيمر جي" تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة والاتحاد المصري للرياضات الإلكترونية، وهو ما يعكس تحول مصر إلى مركز إقليمي في هذه الصناعة المتنامية. يضم المهرجان مجموعة متنوعة من الفعاليات، مثل مسابقات الـCosplay، الحفلات الموسيقية اليومية، الجلسات النقاشية مع خبراء الصناعة، إضافة إلى عروض ترفيهية وتجارب تسوق، مما يوفر تجربة متكاملة لمحبي الألعاب. كما يشارك في الحدث المؤثر في مجال الألعاب مروان سري، الذي تم اختياره سفيرًا رسميًا للمهرجان.

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                    صورة من إيفنت

“Gamer Gy”

أما "موسم الجيمرز.. أرض الأبطال"، فهو أكبر حدث للرياضات الإلكترونية عالميًا، ويُنظمه الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية. يجمع الموسم بين المنافسات الاحترافية والمجتمعية، إلى جانب حفلات موسيقية ضخمة، منصات تعليمية، وفعاليات ترفيهية تستهدف مختلف الفئات العمرية. يعكس هذا الحدث طموح المملكة في أن تصبح مركزًا عالميًا لصناعة الرياضات الإلكترونية، مما يعزز مكانة المنطقة كأحد أبرز أسواق الألعاب في العالم.

أبرز الفرق: شهدت منطقة الشرق الأوسط بروز العديد من الفرق واللاعبين المحترفين في مجال الرياضات الإلكترونية، الذين استطاعوا تحقيق إنجازات كبيرة على المستويين الإقليمي والعالمي. من بين أبرز هذه الفرق، فريق فالكونز السعودي، الذي أسسه مساعد الدوسري عام 2017. يضم الفريق أكثر من 200 لاعب محترف يمثلون 27 لعبة مختلفة، وقد حقق إنجازًا استثنائيًا بفوزه ببطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2024 في لعبة "كول أوف ديوتي: وورزون"، بالإضافة إلى مشاركته في بطولات كبرى لألعاب مثل فورتنايت، ببجي، وفيفا.

لوجو فريق فالكونز

وفي مصر، فقد شهدت الساحة ظهور فرق متميزة مثل فريق أنوبيس، الذي تأسس عام 2015، ليكون أحد أوائل الفرق الاحترافية المصرية في هذا المجال، حيث يسعى لتمثيل مصر وأفريقيا والشرق الأوسط في البطولات العالمية. وقد تمكن الفريق مؤخرًا من الفوز ببطولة كأس العرب بعد منافسة استمرت 7 أشهر، وأضاف هذا الإنجاز إلى رصيده الذي يضم 25 لقبًا محليًا وقاريًا.

لوجو فريق أنوبيس

وفريق رعد، الذي تأسس عام 2020 تحت مظلة نادي المصرية للاتصالات.

Mdossary7))،أبرز اللاعبين: يُعد اللاعب السعودي مساعد الدوسري، المعروف باسم

أحد أبرز لاعبي الشرق الأوسط في الرياضات الإلكترونية، حيث تخصص في لعبة FIFA (EA Sports FC). حقق العديد من الإنجازات المميزة، أبرزها تتويجه بطلًا للعالم في عام 2018، إلى جانب فوزه بعدد من البطولات الإقليمية والدولية، مما جعله أحد أكثر اللاعبين هيمنة في المشهد التنافسي. بفضل مهاراته الاستثنائية وأسلوبه التكتيكي الفريد، أصبح الدوسري رمزًا عالميًا في مجال الرياضات الإلكترونية، وواصل إثبات جدارته بين نخبة المحترفين.

الأردني عامر البرقاوي، المعروف بلقب (Miracle) ، لمع اسمه عالميًا في لعبة Dota 2. اشتهر بأسلوب لعبه الفريد ومهاراته الاستثنائية، مما جعله أحد أفضل اللاعبين في تاريخ اللعبة. حقق نجاحات كبيرة مع فرق محترفة مثل Team Liquid وNigma Galaxy، وكان جزءًا من الفريق الفائز ببطولة The International 2017، التي تُعد من أضخم بطولات الرياضات الإلكترونية. بفضل أدائه الاستثنائي وسجله الحافل بالبطولات، أصبح Miracle- أحد أكثر اللاعبين تأثيرًا في مجتمع Dota 2 عالميًا.

كما يعد محمد طارق(Mohamed Light) واحدًا من أبرز لاعبي الشرق الأوسط في Clash Royale، حيث تمكن من تحقيق نجاحات مذهلة في البطولات العالمية. بفضل مهاراته واستراتيجيته الذكية، استطاع حصد جوائز مالية بلغت نحو 900 ألف دولار، مما يجعله أحد أكثر اللاعبين تحقيقًا للأرباح في المنطقة. تألق في العديد من المنافسات الكبرى وأثبت نفسه بين نخبة المحترفين، ليصبح رمزًا للصعود القوي للاعبين العرب في مشهد Clash Royale التنافسي.

وأيضا عيسي مراد الأردني المعروف باسم (ISSAA) من أهم لاعبي الشرق الأوسط حيث تألق في لعبتي VALORANTوCS:GO. بدأ مسيرته الاحترافية في CS:GO، حيث لعب مع فرق عالمية مثل HellRaisers و OG Esports وحقق نتائج متميزة في العديد من البطولات الكبري. لاحقا أنتقل إلي VALORANT وواصل تألقه مع فرق احترافية، ليؤكد مكانته كواحد من أفضل اللاعبين العرب في ألعاب التصويب التنافسية. بفضل أدائه القوي وخبرته الكبيرة أصبح عيسي مثالا يحتذي به في المشهد الاحترافي.

المؤسسات والشركات الداعمة: يوجد في الدول العربية ممثل رسمي يتبع اللجنة الأولمبية في الإمارات والسعودية وسوريا، بجانب منظمات غير ربحية تتبع الاتحاد الرياضي في مصر وتونس ولبنان، فضلًا عن وجود منظمات إقليمية مثل Esports Middle East (بطولات الشرق الأوسط لألعاب الفيديو)، وNACL دوري شمال إفريقيا السيبيري.

·     التحديات التي تواجه الرياضات الإلكترونية في الشرق الأوسط:

استطاعت الرياضة الإلكترونية أن تصبح صناعة مستقلة جذبت إليها العديد من الاستثمارات بالمنطقة خلال العقد الأخير ولكن، هناك عدد من التحديات التي يجب مواجهتها والتغلب عليها مثل البنية التحتية التكنولوجية التي تحتاج لتطوير كبير، وايضا بالنسبة للاعبين، الصورة السلبية الخاطئة لدى أولياء الأمور هي العائق الأول حيث يعتبر احتراف ألعاب الفيديو بالنسبة لهم مزيداً من الوقت الضائع في صناعة مستقبل أولادهم وتعلمهم، كما تعتبر الوعود الزائفة لبعض الشركات، وفقدان المصداقية في التعامل مع الجماهير، ورداءة المحتوى المقدم لهم أيضا من أبرز العقبات التي تهدد تلك الصناعة وتقلل من إقبال الجماهير عليها، وهو ما يقود في النهاية لخفض معدل الاستثمار بها، كما أن اختلاف اللهجات العربية وتعددها تجعل من الصعب على منظمي البطولة والمذيعين إيجاد الصيغة المناسبة لجذب أعلى نسبة مشاهدة، فمثلا طريقة اللهجة وطريقة نطق الكلمات العربية في مجلس التعاون الخليجي تختلف عن دول شمال إفريقيا، وهو ما يقلل من تفاعل الجماهير ومشاركتهم لأن تلك الألعاب تعتمد في المقام الأول على الإثارة وجذب انتباه اللاعبين والمتفرجين، كما أن عدم مشاركة بعض منصات البث ومزودي خدمات الإنترنت وحتى الناشرين بياناتهم التحليلية عن السوق يجعل من الصعب التواصل بين الشركات، والرعاة، ويضعف من عمل الأنشطة التسويقية بصورة كبيرة.

الرياضات الإلكترونية صناعة واعدة في الشرق الأوسط تجذب الاستثمارات الكبرى وتستقطب أعدادًا متزايدة من اللاعبين المحترفين. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه الصناعة، لكن مع استمرار الاستثمارات والاهتمام المتزايد، يبدو المستقبل مشرقًا لصناعة الرياضات الإلكترونية في الشرق الأوسط، مما يعزز مكانتها كأحد أبرز الأسواق الصاعدة في هذا المجال.

Previous
Previous

الألعاب الإلكترونية تدخل الفصول الدراسية وتُحدث تحولاً في طرق التعليم

Next
Next

الذكاء الاصطناعي يقود ثورة جديدة في صناعة الألعاب الإلكترونية