هوس الآباء بكرة القدم
تقرير / حبيبة وائل
بحلم أشوفه لابس تيشرت المنتخب".. حين يعلّق الآباء أحلامهم في أقدام أطفالهم”
مع تطور سوق العمل وظهور مجالات مهنية جديدة، بدأت تتغير المفاهيم حول النجاح المهني. أصبحت مهن مثل التسويق، والإدارة، وريادة الأعمال تفرض نفسها بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى النمو الكبير الذي شهدته الرياضات، وبخاصة كرة القدم. لم تعد الرياضة مجرد نشاط ترفيهي، بل أصبحت الآن مسارًا مهنيًا يجذب الكثير من الأسر التي ترى في هذا المجال فرصة لتحقيق النجاح والشهرة والثراء، ليُضاف بذلك خيار جديد إلى قائمة الخيارات المهنية التي كانت تقتصر في الماضي على المسارات الأكاديمية فقط.
كرة القدم .. من هواية إلى مشروع استثماري
في السنوات الأخيرة، تحول العديد من الآباء إلى داعمين حقيقيين لطموحات أبنائهم الكروية، حتى ولو على حساب دراستهم، بعضهم بلغ به الحماس أن ألحق أبناءه بأكاديميات متخصصة في كرة القدم، رغم تكاليفها الباهظة، التي تُعدّ استثمارًا طويل الأمد بحثًا عن عوائد مادية واجتماعية لا توفرها الوظائف التقليدية في ظل معدلات بطالة مرتفعة تجاوزت 10% في بعض الدول العربية.
تقول يسرا توفيق، إحدى الأمهات اللواتي يحرصن على تدريب أبنائهن على ممارسة كرة القدم لموقع” “Esportegy إنها ترى أن كرة القدم ليست مجرد لعبة يتسلّى بها الأطفال، بل هي وسيلة تربية وتعليم، وقد اختارتها لابنها لأنها تمنحه دروسًا في الحياة لا توفرها المدرسة ولا حتى الحياة اليومية بسهولة، فمن خلال كرة القدم، يتعلّم الانضباط، والالتزام، وتحمل المسؤولية، كما يتربّى على روح الفريق والعمل الجماعي، وهي أمور أراها ضرورية في هذا الزمن الذي بات الفرد فيه يميل إلى الانعزال."
وتؤكد أن ابنها تعلم من كرة القدم أن النجاح لا يأتي من فراغ، بل يحتاج إلى تعب وجهد ومثابرة، فهو أصبح يعرف قيمة الوقت، وأهمية التدريب، وكيف يواجه الفوز بتواضع، والخسارة بروح رياضية دون أن ينهار أو ييأس، وهذه في رأيها "تربية حقيقية".
وأضافت " بحلم أشوفه في يوم من الأيام لابس تيشيرت منتخب مصر، الناس كلها بتشجعه، ويرفع اسم بلده، لكن حتى لو ما وصلش لكل ده، يكفيني إني بشوفه بيكبر وبيتعلم قيم حقيقية من خلال الرياضة."
الهروب من المدرسة نحو الملاعب
لعب تأثير الإعلام دورًا كبيرًا في تعزيز هذا الاتجاه، إذ باتت القنوات الفضائية تركز على نجوم كرة القدم، رواتبهم الضخمة، وحياتهم الخاصة التي جعلتهم أكثر شهرة من الفنانين، كل هذا رسّخ في أذهان الأطفال، وأولياء أمورهم، أن الكرة قد تفتح لهم أبواب المستقبل أكثر من أي شهادة جامعية.
دفع هذا الهوس بعض الأطفال إلى ترك مقاعد الدراسة والتفرغ للملاعب، في محاولة لتحقيق شغفهم وتحقيق حلم الأهل، وتحول بعض الآباء إلى متابعين دائمين لتدريبات ومباريات أبنائهم، حتى وصل بهم الأمر إلى الاحتجاج لدى المدربين عند عدم إشراك أبنائهم في التشكيلات الأساسية، وإظهار غضبهم على أدائهم الكروي أكثر من نتائجهم الدراسية.
يقدر عدد الأطفال الذين يحلمون باحتراف كرة القدم بنحو 300 مليون طفل حول العالم، كثير منهم في العالم العربي والدول النامية، لكن خلف هذا الرقم الكبير، تقف قصص ضغط نفسي، لا سيما أن عشرات الآلاف من هؤلاء الأطفال لا يمارسون اللعبة بدافع الشغف، بل تحت ضغط الأسر التي تراها وسيلة للهروب من الفقر نحو الرفاه، وفقًا لإحصائيات حديثة للفيفا،
وتؤكد الدراسات أنه بالرغم من حب الكثير من الأطفال لكرة القدم وشغفهم نحوها، إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال يُدفعون إلى الملاعب دون موهبة حقيقية، ما يؤدي إلى إحباط شديد وفقدان الثقة بالنفس عندما يخفقون في تحقيق حلم الأهل، خاصة إذا ترافق ذلك مع فشلهم الدراسي.